في عيد المعلم .. اليمن لا معلم لها !! 

عبدالرحمن عارف
كمدينة موحشة  تتوسد خريطتها الأشباح .. كليل مظلم يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سراب ظن العابر فيه ألا حياة تحت ركام  الظلمة  هذه .. 
كحياة كل ما يعيش فيها هو الموت 

كموت كل ما يغلب عليه هو العذاب , 

كعذاب كل ما يسوده هو الجحيم 

كجحيم كل ما يتسومه هو الخلود الأبدي 

 

هكذا هو الحال في اليمن .. و هذا هو التعبير المبسط لحال اليمنيين ..
لقد كان إنقلاب الحادي و عشرون من سبتمبر  كارثة  سرعان ما تلتها كواراث .. كواراث عادت بالشعب اليمني إلى ما قبل قرون لتروي لهذا الجيل كيف عاش أجداده .. كيف كانت وطأت الإمامة تدوس كرامة و حقوق اليمنيين ..

ليس فسادا .. و لا إنقلابآ .. إنها كارثة و ليس ثمة تعريف أبلغ لتعريفها  من كارثة التعليم ..

فمنذ أن قامت ثورة الحادي عشر من فبراير و التي سعى فيها اليمني إلى طرد الروح الشريرة من اليمن بعد أن عبثت بكرامته لقرون .. دبت روح الحياة في المجتمع اليمني ، و بدأ النور يسري بين ثغور الجدران التي جثت فوق سماء اليمن .

بدأت الأيادي تبني .. و السواعد تتكاتف لبناء حلم اليمني .. و بدأت القاعات و الفصول الدراسية تزدحم بشغف .. لم يكن حال التعليم بأفضل حال من حال الوطن ، و لكن كان ثمة مفهوم للتعليم يجري و إن لم كاملا ..
و في الوقت التي كان الوطن يخرج من عباءة الإمامة هب إنقلابا مضادآ عكس مجريات الحياة و عبث بمفاهيم الإنسانية و المدنية ..

و أصبح  الدمار و الموت عناصر الحياة في هذا البلد ..

أياد سوداء طال ضلالها حتى نوافذ المدارس 

حتى ألواح القاعات و الفصول 

حتى صفحات الكتب و المناهج ..
لم تعد المدارس تنهض صباحآ تستقبل أنوار المستقبل .. لم تعد روح العلم تسري فيها بعد أن حولت لثكنات عسكرية بعد أن غيرت مواد المناهج 

بعد أن أصبح التعليم كعملة صعبة لا تتناولها إلا أيدي الساسة ..
ففي هذا اليوم الذي يعيش فيه العالم احتفالآ بيوم المعلم ، يعيش فيه المعلم اليمني احتفالآ لبقاءه على قيد الحياة ..

أصبحت الحياة حلمآ صعبآ ناهيك عن أبسط مقوماتها ..

قبل شهر احتفلت مدارس العالم بعودة طلابها إلى مدارسهم .. 

ابتهج المعلم .. وابتهج معه تلاميذه وبدأت سنة دراسية جديدة ،في حين وجد الطالب اليمني نفسه خارج أسوار التعليم لظروف فرضتها عناصر الإنقلاب إلى جانب أستاذ يبحث عن بقايا حياة بعد أن طوقتها فوهات بنادق الإنقلاب .
فبحسب تقرير  لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”  الشهر الماضي، فأن هناك 4.5 ملايين طفل قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد، نظرا لانقطاع رواتب المعلمين والمعلمات. إذ يعيش المعلمون، في مناطق سيطرة الحوثيين، أوضاعاً مادية بالغة الصعوبة، حيث لجأ الكثير منهم إلى العمل في المقاهي والمطاعم والمدارس الخاصة وفي أعمال أخرى برواتب زهيدة جداً.

إذ ما زالت أبواب المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الإنقلابيين  مغلقة أمام التلاميذ، رغم إصرار وزارة التربية والتعليم على بدء العام الدراسي الجديد  لتلتزم المدارس الخاصة فقط بهذا التعميم في ظل رفض المدرسين في المدارس الحكومية العمل. ورفضهم التوجه إلى المدارس. 

ونظرآ لإنقطاع الرواتب أعلنت نقابة المهن التعليمية الإضراب الشامل قبل أكثر من شهرين، إلى حين حصول المدرسين على رواتبهم المتوقفة منذ نحو عام. وكان للأزمة الاقتصادية والسياسية في اليمن تداعيات كبيرة على قطاعات عدة، منها قطاع التعليم. ويؤثّر انقطاع الرواتب على نحو 200 ألف معلم، يمثّلون 75 في المائة من إجمالي المعلّمين.